الثلاثاء، 21 أبريل 2015

مقدمة كتاب "الماركيز دي ساد" تأليف ستوارت هود وجراهام كرولي: إمام عبد الفتاح إمام


"أقدم لك.. هذا الكتاب..!"
هذا هو الكتاب الثلاثون في سلسلة "أقدم لك.."، وهو يدور حول الماركيز دي ساد (1740-1814) والسادية (Sadian) التي اشتقت من اسمه، وهو رجل غريب الأطوار: كاتب وأديب لا يملّ قراءة الكتب حتى أنه يحتفظ بمكتبة وهو في السجن، كما أنه صعلوك، وشاذ، ومنحرف، وفاسق، وفيلسوف، وصاحب استبصارات قوية حول الطبيعة البشرية حتى أصبح اسمه مذهباً شهيراً في علم النفس!. ومن هنا اختلفت فيه الآراء، فذهب البعض إلى أنه مجرم، بل شيطان آثم. وإنْ كان إنساناً فهو على أقل تقدير فاسق وفاجر، ولهذا استحق أن يقضي معظم حياته في السجن، كما حدث بالفعل، وأن يُكمل البقية الباقية منها في مصحة الأمراض العقلية وأن يموت فيها! وذهب آخرون إلى أنه يجسّد الانحراف (Perversion). بأنواعه المختلفة لاسيّما الانحراف الجنسي، وهو انحراف نتج عن كراهية شديدة لأمه ودفاع ضد خوفه من عقدة الخصاء (Castration). كما دفعته إلى الانتقام من الأنثى عموماً. ورأى فريق ثالث أنه فيلسوف عصر التنوير غير منازع، فقد سار بأفكار ذلك العصر حتى نهايتها، فأخذ بالمادية، والإلحاد، والإباحية، في أشد صورها تطرفاً!. بينما رأى فريق رابع أن السادية ليست مجرد شذوذ أو انحراف جنسي، بل إنها كانت سلاح دي ساد لارتياد آفاق مجهولة في الطبيعة الأساسية للأخلاق.
ومهما يكن من شيء فقد أصبح مصطلح "السادية" يعني في علم النفس الحديث اللذة الجنسية التي يجدها الإنسان في الانحراف الجنسي الذي يصطبغ بالقسوة، وإنزال الألم بالغير أثناء عملية الجنسية.
غير أن من الباحثين من يرى أن "السادية" ليست ظاهرة حديثة في حياة الإنسان، وإنما هي ظاهرة قديمة. وإن لم تشكل انحرافاً؛ فإن درجة معينة من "الممارسات السادية" تحدث في حياة معظم الناس، وهم على العموم يقومون بأفعال كثيرة مؤلمة مثل القرص والخدش، والعصر والعض وغيرها من الأفعال التي ينتج عنها بعض الآلام الخفيفة غير الضارة أو المؤذية، إلا إذا بلغت حدود التطرف والإيذاء لأي من المشاركين فيها..!